OMedia
Free Media

OMedia Homepage
Political Reports1
Palestinian-Israeli 2
Palestinian-Israeli 3
Palestinian -Israeli 4
Palestinian-Israeli 5
Israeli Historians 6
Israeli Historians 7
Two States Solution 8
London Document 9
Jordan Option 10-E
Two-State Solution 11
تحدي إقامة دولتين-معرب
Ariel Sharon
Iran-Syria Affairs 14
إنسحاب من غزة-15
Avi Shlaim-Amira Hass
Protests-T.Nazmi 17
Germany-T.Nazmi 18
Report 19
Human Rights Watch 20
Jordanian Affairs 21
Palestinian Affair 22
Palestinian Affairs 23
Palestinian Affairs 24
Iraq Affairs 25
Palestinian Affairs 26
Jordanian Affairs 27
Palestinian Affairs 28
Palestinian Affairs 29
Jordan-Palestine30
Jordan-Palestine31
Iranian Affairs32
Yemen Affairs33
Hamas Affairs34
Hamas Affairs35
Hamas Affairs36
Jordanian Affairs37
Jordanian Affairs38
Hamas Affairs39
Jordan Affairs40
Yemen Affairs41
Iraq Affairs42
Lebanon Affairs43
Jordan Affairs44
Lebanon 45
JPR 46
JPR 47
JPR 48
Hezbullah49
Hezbollah50
Hezbollah51
JPR Hizbullah52
JPR Hizbullah53
JPR Hizbullah54
JPR Hizbullah55
JPR Hizbullah56
JPR Pakistan57
JPR USA58
JPR59
JPR60
JPR61
JPR62
JPR63
JPR64
JPR65
JPR66
JPR67
JPR68
JPR69
JPR70
JPR71
JPR72
JPR73
Iran-Israel JPR74
JPR75
JPR76
JPR77
JPR78
JPR79
JPR80
JPR81
JPR82
JPR83
JPR84
Iran&Venezuela
Palestinians-Iraq JP86
JPR 87
JPR 88
JPR 89
JPR 90
JPR 91
JPR 92
JPR 93
JPR 94
JPR 95
JPR 96
JPR 97
JPR 98
JPR 99
Archive OMedia 100
للإتصال بنا

Report 7 Israeli Historians - 2/2

أنت الزائر رقم:


. وكان هناك محطات تركيز للفلسطينيين الذين جمعوا بظروف سيئة للغاية، إلا أنه لم يُكتب عنها حتى الآن، حيث ليس من السهل البحث والوصول إلى المصادر التاريخية حول هذا الموضوع. وفي نهاية محاضرته أكد بابي أن ما حدث في 1948 كان عملية تطهير عرقي صرفه وليست معركة عسكرية كما تدعي الرواية الإسرائيلية التقليدية 

فبركة التاريخ الإسرائيلي

عبر أفرا يم كارش أكثر من مرة عن التخوف من تغلغل هذه الأفكار بين صفوف الجماهير ومن ثم إلى الجهاز التعليمي والأبحاث التي قد يقوم بها الباحثون. لقد سبق للمؤسسات الإعلامية التابعة لليمين القومي بعرض مبادئ المؤرخين الجدد من خلال عملية تسييس واضحة من اجل تجنيد القوى السياسية والأكاديمية للحد من انتشار هذه الظاهرة في صفوف الباحثين الأكاديميين وهي كالتالي:

1. اعتبار نشوء الدولة العبرية خطأ تاريخي نتيجة لوعد بلفور الذي منحت فيه الإمبريالية البريطانية لليهود الحق ببناء وطن في ارض تابعة للشعب الفلسطيني.

2. خلال سنوات الانتداب البريطاني وحتى الإعلان عن إنشاء الدولة عام 1948 تمتعت الحركة الصهيونية بدعم من بريطانيا ومن خلال الخداع والعنف تم تهجير الفلسطينيين من الأرض من اجل إقامة دولة يهودية.

3. حرب 1948 لم تكن حرب أقلية يهودية ضد أغلبية عربية، وان التجمعات اليهودية كانت أقوى ومسلحة أكثر، ولهذا السبب نجحت في الانتصار على الأقلية العربية الضعيفة. 4. عرض حرب 1948 من خلال العديد من المذابح التي نفذها اليهود ضد العرب.

5. السكان الفلسطينيون لم يهربوا من فلسطين انطلاقا من رغبتهم أو بناء على تعليمات من القيادات العربية وإنما تم طردهم بالقوة كجزء من مخطط شامل للوكالة اليهودية من اجل تهجير العرب. 6. العمليات الانتقامية في سنوات الخمسينات لم تتم للرد على أعمال قتل نفذها المتسللون العرب، وإنما كانت جزء من مخطط لبن غوريون من اجل تحدي الدول العربية المجاورة.

 6. العمليات الانتقامية في سنوات الخمسينات لم تتم للرد على أعمال قتل نفذها المتسللون العرب، وإنما كانت جزء من مخطط لبن غوريون من اجل تحدي الدول العربية المجاورة.

7. حرب "كديش" عام 1956 كانت جزء من مؤامرة إسرائيلية من اجل خدمة المصالح الإمبريالية الفرنسية والبريطانية

8. . حرب حزيران كانت نتيجة لتحدي إسرائيلي لسوريا وان لم يكن هناك أي خطر مصري على إسرائيل.

9. حرب أكتوبر لم يكن لها حاجة، وإنما كانت نتيجة لرفض غولدا مئير بالاستجابة لمبادرة أنور السادات السلمية. انطلاقا من هذه التوجهات الحديثة في عملية التأريخ الرسمي للدولة العبرية تطور النقاش الأكاديمي الإسرائيلي حول تعريف الصهيونية، ماهية الظروف المحيطة بالدولة الإسرائيلية ونشأتها، قضية اللاجئين الفلسطينيين وغير ذلك من القضايا التي اعتبر التفسير الرسمي لها تفسيرا مقدسا بحيث تحول الأمر إلى صراع أكاديمي مشحون بالمواقف والأيديولوجيات بين تيار المؤرخين الجدد وبين المؤرخين القدامى، وهم في هذه الحالة مؤرخو الدولة والنظام. افرايم كارش من جهته يهاجم هذا التيار ورموزه بشدة ويتهمهم بالتزييف المنظم للوثائق التاريخية من خلال بناء ما يسميه بالتاريخ الخيالي من اجل إعطاء الشرعية للأساطير غير الواقعية. 

الادعاء المركزي ل افرايم كارش في الكتاب هو أن المؤرخين الجدد يستبعدون النص التاريخي الرسمي القومي، وهنا يتساءل المؤلف لماذا لا يفكر المؤرخون الجدد في ظاهرة مشابهة في الطرف العربي والفلسطيني وهي خلق خط رسمي يتلاءم مع البعد العربي القومي. افرايم كارش يهاجم بشكل خاص البروفيسور بيني موريس ويتهمه بالتزييف المنظم بالإضافة إلى د. آيلان بابه من جامعة حيفا، والبروفيسور آفي شلا يم من جامعة أكسفورد.

في الكتاب نقاش بعض الأبحاث الخاصة بالمؤرخين الجدد التي من خلالها يعرض المؤرخين الجدد أسس نظريتهم في تفسير وفهم تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ويعتقد المؤلف افرايم كارش بان الهدف الرئيس لهذه المجموعة هو إثبات أن إسرائيل ولدت من خلال الظلم، قضايا رئيسية تحتل مركز النقاش بين المؤلف وهذه الأبحاث مثل من يتحمل المسؤولية عن طرد وتهجير اللاجئين الفلسطينيين، المبدأ اليهودي في تفسير حرب 1948 " أقلية يهودية مقابل أغلبية عربية"، العلاقات بين الملك عبد الله الأول والوكالة اليهودية والمؤامرة البريطانية الفرنسية اليهودية.

بالنسبة لقضية طرد اللاجئين الفلسطينيين وحسب بيني موريس في "نشوء قضية اللاجئين" الذي يؤكد فيه موريس مبدأ وجود أساس قوي له بطريقة التفكير للتيار اليهودي المركزي في سنوات الثلاثينات والأربعينات. يدعي افرايم كارش بان بيني موريس تجاهل الظروف التاريخية التي يتم بها نقاش فكرة الطرد الجماعي "الترانسفير " بيد القيادة الصهيونية، بمعنى أن الموقف اليهودي جاء للرد على توصيان لجنة "فيل" في يوليو 1937 التي اقترحت تقسيم البلاد إلى دولتين ودعت إلى إجراء تبادل في المناطق والسكان بين الطرفين اليهودي والعربي. الموقف الوحيد الذي يعرضه المؤلف للرد على هذا الادعاء هو انه وفي نوفمبر 1937 أقامت الوكالة اليهودية لجنة للتبادل السكاني من اجل فحص هذا الاقتراح، إلا أنها توقفت عن العمل في صيف 1938 بعد أن اكتشفت أن فكرة "الترانسفير" غير مجدية وليس بسبب تراجع البريطانيين عن مبادرتهم. وهنا يعتقد المؤلف أن القيادة اليهودية عارضت بشدة أي طرد بالقوة للعرب وهذا على عكس ما يدعيه بيني موريس بان هذه الفكرة مصدرها الحركة الصهيونية وهي التي قامت بعرضها على الحكومة البريطانية وليس العكس، وهنا يتهم المؤلف بيني موريس بأنه لم يقم بفحص ومراجعة صحيحة لجلسات قيادة الوكالة اليهودية من نهاية سنوات الثلاثينات وحتى نهاية سنوات الأربعينات، إلا انه سارع بالاعتماد على جلسات خاصة جاءت من اجل الرد على المبادرة البريطانية. 

في حين يقتبس موريس فقرة من جلسات الوكالة اليهودية عام 1938 والتي يقول فيها بن غوريون بان الحل للمسألة العربية في دولة اليهود هو اتفاق مع الدول العربية يفتح الطريق لتهجير العرب من الدولة اليهودية إلى الدول العربية ".

وهنا أيضا يتهم المؤلف بيني موريس بعرض بن غوريون وكأنه أراد طرد العرب بعد أن قام بتزييف مقولة لدافيد بن غوريون عندما قام باقتباس مقطع من كتاب "شفتاي تبت" عن دافيد بن غوريون والفلسطينيين وقام بتزييف المقصود منها، " بالاعتماد على تفسير لرسالة من بن غوريون إلى ابنه عاموس في 5-10-1937 من لندن وفيه يذكر تنفيذ توصياته المتعلقة بالترانسفير من تقرير " فيل "، وان بن غوريون لم يرغب بطرد الفلسطينيين كون منطلقاته الأساسية كانت تعتمد على وجود مكان كاف للعرب واليهود في البلاد، والحل المناسب للقضية السكانية بالنسبة له هو العمل على جلب مكثف لليهود من الخارج. الاقتباس الذي يعتبره المؤلف غير صحيح . وهنا يتهمه بيني موريس بالكذب في كل ما يتعلق بقضية طرد وتهجير العرب من فلسطين، وقد سبق له وان أكد على أن هذه الفكرة التي سيطرت على تفكير بن غوريون ورؤساء الحركة الصهيونية وان في حوزته الكثير من الاقتباسات والوثائق التي تثبت أن بن غوريون كأنه من مؤيدي فكرة التهجير الجماعي للعرب.

بيني موريس من جهته وللرد على هذه الاتهامات فقد سبق له وفي أكثر من مناسبة أن قال بان هذا الاتهام لا يستحق الرد عليه كون افرايم كارش يعرض خليط من أنصاف الحقائق والكذب، الأمر الذي يوضح عدم معرفته بالمصادر التاريخية للصراع الصهيوني العربي " . اما موقف موريس من هذا الكتاب فهو يتهم افرايم بأنه ليس بمؤرخ للصراع العربي الإسرائيلي وهو لم يقم بإجراء أي بحث علمي يغطي هذه الفترة، لذلك ليس له الحق في انتقاد الآخرين. افرايم كارش يعتقد بان الوثائق التاريخية الموجودة التي اعتمد عليها المؤرخون الجدد لا تدل على صحة الادعاءات التي يدعيها المؤرخون الجدد، وان هذه العملية من التأريخ الجديدة هي عبارة عن تزييف وفبركة، وعملية الربط في تفسير الصراع تأتى من خلال الادعاء الأساسي للمؤلف نفسه، وهو أن المطالب الفلسطينية بحق تقرير المصير وبناء الدولة لا تحتاج إلى دعم هؤلاء من خلال تزييف الحقائق، وهذه العملية لا تسبب الضرر فقط للحقيقة التاريخية وإنما للفلسطينيين أنفسهم الذين يدعمهم المؤرخون الجدد بلهفة شديدة . لكنه في المقابل يؤكد على أن للفلسطينيين الحق في دولة مستقلة وبأنه من الممكن التوصل إلى حل بالنسبة لمسألة لقدس من خلال التقسيم بين الشعبين، الاحتجاج من طرفه هو انه ليس بالضرورة تزييف التاريخ من اجل إعطاء المصداقية لأي حل قد يخدم أي طرف محدد؟.

لذلك يهاجم هذا التيار ويتهمه بوضع إسرائيل في مرتبة المسؤولية عن دائرة العنف المستمرة في الشرق الأوسط منذ عام 1948 بدون الاعتماد على الأسس العلمية للبحث الأكاديمي، وهنا ينتقل للهجوم على ادعاء البروفيسور أفي شلا يم المحاضر في قسم العلاقات الدولية في جامعة اوكسفورد الذي ورد في كتابه "المؤامرة من شرق الأردن " الذي صدر عام 1988 بأنه في 17 نوفمبر 1947 " تم الاتفاق بين الملك عبد الله الأول وغولدا مئير التي ترأست الدائرة السياسية للوكالة الصهيونية على إحباط إقامة دولة فلسطينية، على أن يقوم كل طرف بضم قسم من المناطق المعدة للفلسطينيين."المؤلف من جهته وحسب المصادر التي اعتمد عليها يعرض التقرير الأكثر أهمية في هذا الموضوع وفيه تعرض فولدا مئير الصورة مختلفة تماما، وهنا يدعي المؤلف بان غولدا مئير عارضت وبشدة أي اتفاق قد يؤدي إلى الإخلال بمخطط التقسيم التابع للأمم المتحدة بعد أن أوضحت بان أي اتفاق بين القيادة الصهيونية وبين المملكة الهاشمية يتوجب عليه أن يتماشى مع قرار الأمم المتحدة. يفسر افرايم كارش هذا التناقض بين المقارنة حسب ما يعرضه على انه الوثيقة التي من المفترض أن تكون صادقة حسب رأيه بأن غولدا مئير لم تكن مؤهلة لاتخاذ قرار بهذا الحجم.

الادعاء الثاني الذي يخرج المؤلف ضده هو موقف آفي شلايم تجاه الافتراض بأن بريطانيا عرفت مسبقا ووافقت على هذا الاتفاق السري بين الحركة الصهيونية والمملكة الأردنية الهاشمية، على أن يتم تقاسم فلسطين بين الأردن وإسرائيل في لقاء تم في فبراير 1948 بين وزير الخارجية البريطاني ارنست بوين وبين توفيق أبو الهدى رئيس حكومة شرق الأردن حيث أعطى بوين الضوء الأخضر لرئيس الحكومة الأردنية بإرسال الجيش العربي إلى فلسطين فور انسحاب الجيش البريطاني، بعد أن حذر الأردن من مغبة الدخول إلى المناطق التي حددت لليهود حسب خطة الأمم المتحدة . وهذا الأمر تضمن تحذير بريطاني من مغبة الهجوم على المناطق اليهودية الامر الذي قد يؤدي إلى تراجع بريطاني عن دعم الجيش العربي. افرايم كارش يدعي أن هذا الأمر غير صحيح فالبريطانيين وافقوا على هذا الدخول، إلا أنهم لم يحافظوا على المصالح اليهودية وإنما على العكس فإسرائيل كان من المفترض عليها أن تكون هي الضحية للتدخل الهاشمي وليس الجهة التي ستتمتع بنتائج هذا التدخل، لذلك يؤكد المؤلف على أن البريطانيين لم يعرفوا عن الاتفاق بين المملكة الهاشمية والحركة الصهيونية،

 
ويعتقد بان المواد الموجودة في الأرشيف البريطاني تدل على عدم وجود اهتمام بريطاني بحجم المناطق اليهودية، وان كل الاهتمام كان موجها من اجل ضمان عدم تورط بريطانيا بأي حادث قد يسبب لها الإحراج الدولي وبالمقابل العمل على خدمة مصالحها.

مبادئ في التاريخ من الإنجليزي كار

أن ملاحظة فارق التواريخ البسيط بين مقاليَ بيني موريس، المقال المنشور في "الغارديان" والمقال المنشور في (سفاريم – هاآرتس) تكفي بحد ذاتها لإدراك أن موريس يرى في بار اون حجة ومعيناً يدعم استنتاجاته الحالية أو الراهنة. وبغية شرح وجهة نظري ، يقول داني بيتر: سوف الجأ إلى محاضرات البروفسور كار الإنجليزي التي قدمت تحت عنوان (ماهو التاريخ؟) (والتي يعود تاريخها إلى العام 1961 وتمت ترجمتها إلى العبرية عام 1986): عن الحتمي واللاحتمي في التاريخ:

) عمليا فإن المؤرخين لايعتقدون أن الأحداث حتمية طالما أنها لم تقع أو تحدث فعليا. ويشير هؤلاء على وجه العموم إلى دروب بديلة استطاع أبطال الرواية الرئيسيون السير فيها، وبذلك فهم يفترضون انه كان بالامكان الاختيار بين امكانيات مختلفة. ولكن مع ذلك يمضي المؤرخون ليشرحوا ما دعا في نهاية المطاف لاختيار طريق او درب محدد. ليس هناك في التاريخ شيئ حتمي، ما عدا بالفهم الشكلي. فحتى يحدث شيء ما بصورة مختلفة لا بد أن تكون مسبباتة أيضا مختلفة( (ماهو التاريخ؟ ص 103).

عن المقاومة في التاريخ:

) لا يجوز للمؤرخ التقليل من شأن المقاومة ... وقد كان للذين هزموا في بعض الأحيان، مساهمة هامة في النتيجة النهائية وبدرجة لا تقل عن مساهمة الذين انتصروا. ( (ص 131).

عن المنتصرين والمهزومين:

)التاريخ عبارة عن صراع يوجد فيه على الدوام منتصرون ومهزومون.. المنتصرون ينتصرون دوماً، أحيانا بصورة غير مباشرة وفي الغالب بصورة مباشرة، على حساب شخص ما ... ونحن في الحياة اليومية نساوم ونهادن كثيرًا مع أهون الشرَّين او بوسائل سلبية من اجل اهداف ايجابية( (ص86).

عن المؤرخ المعاصر:

) الصعوبة التي يواجهها المؤرخ الحالي في فصل شخصيته عن كونه مؤرخًا حينما يبحث ويتناول فظائع عصرنا – ستالين ، هتلر، مكارتي - تنبع بالذات من كون هؤلاء من أبناء عصرنا، ولأن مئات الآلاف من الناس الذين عانوا من أعمالهم لا زالوا يعيشون معنا. لهذا السبب بالذات يصعب علينا كمؤرخين التوجه إليهم كما يجب والتغاضي عن حقنا الإنساني في محاكمتهم على أعمالهم( (ص 85). عن السياسي:

) مهمة رجل السياسة أن يأخذ بالحسبان ليس فقط الجانب الأخلاقي والنظري وإنما أيضا القوى المؤثرة في العالم والقدرة على توجيهها أو تغعيلها من اجل تحقيق أهدافه ولو بصورة جزئية على الأقل ((ص 132) عن الماضي والحاضر :) كل مؤرخ يكتب عن الموضوع من وجهة نظره، وزمانه ومكانه. والتاريخ حوار لا نهائي بين الماضي والحاضر. ( (ص64). (يجب السعي لفهم الماضي في ضوء الحاضر وفهم الحاضر في ضوء الماضي.. ومن وجهة نظر المؤرخ فان ما لا يسهم في هذه المهمة المزدوجة يعتبر عقيما ولا قيمة له( (ص 59).

الذي كان حتميا والذي لم يكن حتميا:

حيث أن )كل مؤرخ يكتب عن الموضوع من وجهة نظره وزمانه ومكانه..(، فان هذا الأمر ينسحب تلقائياً على المؤرخين موضع نقاشنا. فكلاهما يكتبان عن الحاضر (موريس) وعن الماضي (بار اون) من نقطة انطلاق تاريخية مشتركة، تركز على عدم الحتمية. وترتبط لدى موريس بوضوح عدم حتمية الحاضر، وبالتالي المستقبل مع عدم حتمية الماضي. وفيما يتعلق بماضينا يقول داني بيتر: اميز بين الاثنين: بين حقيقة تحول فلسطين إلى وطن للشعبين وبين طرق تحقق هذه العملية التاريخية. وبالنسبة لتحقق وحصول العملية في حد ذاته فقد بات ذلك حتميا في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وذلك من حيث أن اللاسامية والضائقة الاقتصادية راحا يتفاقمان بشكل مطرد إلى أن بلغا أوجهما في الكارثة (المحرقة النازية) التي تعتبر (العامل المحرك). وقد حصلت النهضة القومية اليهودية في نفس الفترة التي شهد فيها العالم اجمع نهضة قومية (العامل المحفز)، وعندما أصبح تقرير المصير القومي لليهود قابلاً للتحقق في هذه البلاد فقط، والتي رأى اليهود أنفسهم مرتبطين بها تاريخياً ودينيا (وقد كانت هناك محاولات أخرى لم تتكلل بالنجاح). بهذا المفهوم كانت هذه العملية التاريخية حتمية حقاً.

وقد تأسست الحركة الصهيونية كحركة قومية وضعت نصب عينيها دفع اليهود للهجرة من أماكن إقامتهم إلى وطن الفلسطينيين والقيام بنشاطات كولونيالية واسعة قدر المستطاع في هذه البلاد، بحيث يتطور هذا المشروع الكولونيالي إلى دولة. وبهذا المفهوم لم يكن بوسع المجتمع الفلسطيني استقبال الغزو الصهيوني لبلاده بالترحاب، هذا (الغزو) الذي لم يشاور فيه المجتمع الفلسطيني ولا قيادته. قيادات صهيونية بعقلية إستشراقية إستعلائية ولأجل تحقيق هدف الحركة الصهيونية استعانت قيادة الحركة على مر السنين بسائر القوى العظمى التي امتلكت نفوذًا وسيطرة في هذه البلاد أو رغبت بامتلاك السيطرة والنفوذ فيها في المستقبل (تركيا، بريطانيا، الولايات المتحدة، فرنسا، الاتحادالسوفياتي). وفي مقابل ما قامت به زعامة الحركة الصهيونية من تحركات واسعة بهدف إقامة صلات مساعدة وتحالف مع شتى القوى العظمى في فترات مختلفة فانه لم تجر أي خطوة ذات بال باتجاه تطوير وإقامة علاقات تفاهم واعتراف بوجود مصالح مشتركة مع الفلسطينيين وزعامتهم. أن إقامة وخلق هذه الصلات والنأي عن الصلات والسياقات الأخرى لم يكن باستطاعة احد القيام به سوى زعامة قومية متعصبة اسشتراقية في نظرتها إلى العرب عامة والى الفلسطينيين على وجه الخصوص (كما هو معروف، لم تظهر الزعامة الصهيونية نظرة استعلائية تجاه العرب فحسب، بل وتجاه اليهود الذين قدموا من آسيا وأفريقيا أيضا. كذلك فقد ترفعت الزعامة ذاتها على يهود أوروبا، الذين كانت الايديش لغة ثقافتهم المزدهرة). وقد لجأت القيادة الصهيونية في سبيل تحقيق هذه الإيديولوجية إلى سلسلة من الأعمال: (احتلال الأرض لغاية العام 1948 عن طريق الشراء والطرد لأصحابها العرب و احتلال العمل: الإنتاج العبري، بإنشاء اتحاد مهني لليهود فقط (الهستدروت) وبإنشاء جهاز تعليم منفصل بشكل دائم وتنمية وتطوير لغة وثقافة منفصلين.

جذور الطرح الديموقراطي العلماني

معظم هذه الطرق والأساليب في تحقيق الصهيونية، رفضت منذ البداية من جانب أقلية صغيرة من الصهيونيين. وفي اعتقادي فانه سيأتي اليوم الذي سيدرَّس فيه المقالان الهامان جدًا اللذان كتبهما المفكر اليهودي أحاد هعام (حقيقة من ارض إسرائيل-1891) واسحق افشتاين (مسألة غامضة-1907) في كافة المدارس. من هذين المقالين سأقتبس هنا عبارة واحدة فقط من مقال افشتاين والتي تتعلق مباشرة بموضوعنا ... حيث دعا اليهود إلى:(الابتعاد عن القومية ضيقة الأفق التي لا ترى سوى نفسها.. والى التحالف مع العرب بابرام ميثاق معهم يكون كبير الفائدة للجانبين وللإنسانية جمعاء). إعداد رافضي السياسة المهيمنة لدى الزعامات الصهيونية ازدادت قليلاً بمرور السنوات عبر (تحالف السلام- أكاديميين من اصل ألماني) وحتى (العصبة من اجل التقارب والتعاون اليهودي العربي)، التي أقيمت في العام 1939 وتضمن برنامجها الموقّع في حزيران 1942 بندين ميزاها عن الخط السائد جاء فيهما: (ستقوم في هذه البلاد دائمًا دولة ثنائية القومية ودون فرق بين الأغلبية أو الأقلية داخل هذه الدولة)، و (يمكن التوصل، إلى حصص (نسب) هجرة متفق عليها لسنوات عديدة). وقد جرى التوقيع على البرنامج من جانب أشخاص كانوا في السابق اعضاء في <تحالف السلام> وانضمت إليهم أحزاب صهيونية يسارية: (هشومير هتسعير)، و (العصبة الاشتراكية)، و(عمال صهيون يساريون). وكما هو معروف، لم يستمر نشاط العصبة سوى حتى تشرين الثاني من العام 1947 وهي الفترة التي شهدت صدور قرار التقسيم واندلاع الحرب. اللجنة العربية العليا (التي مثلت الزعامة الفلسطينية) والتي ترأسها لسنوات طوال الحاج أمين الحسيني لم تبحث بدورها أيضا - ولأسباب مفهومة لكنها مغلوطة كليًا - عن وسيلة للاتصال مع حركة المهاجرين إلى موطنها، موطن الزعامة الفلسطينية، (بغية إبرام ميثاق معها ينطوي على فائدة جمة للطرفين) (ي. افشتاين). وقد تمادى الحاج أمين الحسيني عندما زار خلال الحرب العالمية الثانية، في أوج أيام الابادة، مقر قيادة هتلر، مُعرباً عن اسعداده لتقديم العون له. خلاصة القول، أن هجرة اليهود إلى هذه البلاد كانت بحد ذاتها عملية حتمية، كوَّنت هنا بالتدريج امة يهودية – إسرائيلية، اما طرق تحقيق العملية ورغم العوائق الصعبة فقد كان بمكانها أن تكون مختلفة جدًا. لكن التاريخ يصنعه البشر وقد تغلب القوميون المتعصبون - كما حدث في حالات وأمثلة تاريخية عديدة أخرى - على الأقلية الرافضة. فهل <<قدم الرافضون (أو المقاومون) مساهمة هامة في النتيجة النهائية؟).

قرار التقسيم وحقيقته عام 1948

هل يجب أن يكون المرء مؤرخاً مرموقاً لكي يتفق مع بار اون بأن الصراع القومي لم يبدأ في العام 1948، وإنما منذ هجرة اليهود غير المتفق عليها إلى بلاد الفلسطينيين. ولكن، هل استنتاج بار اون بأنه (لم يكن هناك مناص من الصراع المرير) هو الاستنتاج الوحيد الذي ينبغي التوصل إليه (والذي يتفق مع بيني موريس). هل حقاً كان قرار الأمم المتحدة (قرار التقسيم) وإعلان قيام الدولة عملاً عدوانياً ضد الجانب العربي؟ داني بيتر لا يتفق مع ذلك بل ويرفضه قائلاً أن: قرار الأمم المتحدة بتقسيم البلاد إلى دولتين مرتبطتين بعلاقات اقتصادية وتدويل القدس اقترح كحل وسط في نزاع قومي كان الجانب اليهودي العامل أو المسبب الرئيسي في نشوبه (جدير بالذكر أن الموقف الذي فضلته لجنة الأمم المتحدة التي بحثت القضية تمثل في الدعوة لإقامة دولة ثنائية القومية ولكن عندما أدركت اللجنة أن العلاقات بين الشعبين لا تسمح بذلك لجأت اللجنة إلى خيار التقسيم). ولكن ألم يكن رفض قرار التقسيم خطأ تاريخيا فادحًا ارتكبه الجانب العربي؟

أود إعادة القراء إلى أقوال " كار" عن رجل السياسة، (الذي يتعين عليه أن يأخذ بالحسبان.. القوى الفاعلة والمؤثرة في العالم والقدرة على توجيهها أو تفعيلها من اجل تحقيق أهدافه بصورة جزئية على الأقل). وفي اعتقادي فان من الجدير بالإشارة إلى أن بن غوريون تصرف بقبوله لقرار التقسيم، حسب أسلوبه ونهجه كرجل سياسة حسب مواصفات كار. أما الزعماء الفلسطينيون وقادة الدول العربية المجاورة فقد اخطأوا في حساباتهم. إضافة إلى ذلك فقد سعى بن غوريون دوماً خلال الحرب إلى كسب المزيد من الأرض الـ "نظيفة من العرب" وابرم خلالها أيضا الاتفاق مع الأردن حول منع قيام الدولة الفلسطينية. لكنه (بن غريون) قدَّر بصورة سليمة موازين القوى العالمية بعد الحرب وفي إعقاب الكارثة، وموازين القوى في المنطقة، في حين أخطأت الزعامة العربية الفلسطينية في غالبيتها الساحقة في تقديراتها. وأقول غالبيتها وليس كلها لأن الجزء الرئيسي في "عصبة التحرر الوطني" الفلسطينية بزعامة توفيق طوبي وإميل حبيبي، قبل مشروع التقسيم، وقد قادت "العصبة" كتحصيل حاصل لهذا القبول، الوحدة اليهوديةالعربية للحزب الشيوعي في العام 1948. ما الذي يقصده بار اون عندما يقرر بصورة قاطعة أن موازين القوى بين الجيوش العربية التي اجتاحت البلاد لم تكن بالصورة التي رأيناها في ذلك الوقت؟ هو لا يبرر بذلك الاجتياح ومؤكد انه لا يعيد التفكير فيما يتعلق بالتصدي لهذا الاجتياح العربي. ألم يؤد هذا الرفض الذي اتخذه الشبان الشجعان إلى صد الغزاة؟! أن حقيقة كون الواقع قد برهن لنا جميعاً، يهودًا وعربًا بأن موازين القوى كانت وقتئذ مغايرة لما تصوره الجانبان (على الأقل أولئك الذين قاتلوا في الميدان) لا تغير شيئًا في سلبية الغزو ولا تلغي ما قيل في صالح الذين دحروا هذا الغزو وردوه على أعقابه.

ما الذي يقصده بار اون عندما يقرر بصورة قاطعة أن موازين القوى بين الجيوش العربية التي اجتاحت البلاد لم تكن بالصورة التي رأيناها في ذلك الوقت؟ هو لا يبرر بذلك الاجتياح ومؤكد انه لا يعيد التفكير فيما يتعلق بالتصدي لهذا الاجتياح العربي. ألم يؤد هذا الرفض الذي اتخذه الشبان الشجعان إلى صد الغزاة؟! أن حقيقة كون الواقع قد برهن لنا جميعاً، يهودًا وعربًا بأن موازين القوى كانت وقتئذ مغايرة لما تصوره الجانبان (على الأقل أولئك الذين قاتلوا في الميدان) لا تغير شيئًا في سلبية الغزو ولا تلغي ما قيل في صالح الذين دحروا هذا الغزو وردوه على أعقابه. كذلك لا داعي لأن يكون الإنسان مؤرخاً بارعاً لكي يتفق مع بار اون بأنه "لو لم تقم الحركة الصهيونية بمشروع جمع الشتات واستيطان البلاد.. لكان مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين ما برحوا يعيشون حتى يومنا هذا فوق أرضهم". ولكن وفي مقابل اتفاقي مع رأي بار اون هذا فان وجهة نظري تختلف اختلافًا جوهرياً مع طرحه (الذي يتفق معه بيني موريس) بأنه ..

"لو تكررت الامور اليوم فأنني سوف أتصرف تماماً بنفس الصورة إلى تصرفت بها في العام 1948". وبصفتي واحدًا من المقاتلين في العام 1948 أستطيع القول بثقة أن تعاملي في ظل المعلومات المتوفرة لدينا اليوم وليس اليوم فقط سيكون مختلفا كلية مع جوانب ومجالات هامة من الحرب ولا سيما فيما يتعلق بنشوء مشكلة اللاجئين. لماذا يتغاضى بار اون في ملاحظاته حول مشكلة اللاجئين عن خطط "الترانسفير" التي قبعت في عقول وجوارير العديد من الزعماء الهامين لحزب <مباي> التاريخي والتي بدأت تشق طريقها إلى التنفيذ بصورة منهاجية اعتبارًا من نيسان 1948، عبر التدمير المنهجي لأكثر من 400 قرية عربية، وعبر إجبار حوالي 750 ألف فلسطيني على النزوح هرباً أو طردًا؟! وللتدليل على خطط الترانسفير التي تبناها زعماء "مباي" (كان رحبعام زئفي محقاً بادعائه انه لم يكن أول من طرح فكرة الترانسفير وإنما ورثها من قادة في مباي) سأقتبس هنا فقرة من مذكرات يوسف فايتس الذي عمل منذ العام 1932 رئيسًا للصندوق القومي (كيرن كيميت) حيث كتب يقول في العام 1940: (يجب أن يكون واضحاً أنه لا مجال إطلاقا لوجود شعبين في هذه البلاد. لن يكون بمقدور أي تطور أن يقربنا من هدفنا في أن نكون شعبًا مستقلاً في هذه البلاد الصغيرة. إذا رحل العرب عن هذه الديار فإنها ستصبح واسعة ومشرعة فسيحة أمامنا، أما إذا بقي العرب فستبقى البلاد صغيرة وبائسة..

أن شراء الأرض لن يفضي إلى إقامة دولة إسرائيل. لا سبيل إلا بترحيل العرب من هنا إلى البلدان المجاورة، ترانسفير لجميع العرب باستثناء بيت لحم والناصرة والقدس القديمة. لا يجوز لنا الإبقاء على قرية واحدة أو عشيرة واحدة.. عبر ترانسفير كهذا فقط يمكن لهذه البلاد استيعاب الملايين من أخوتنا لتحل مشكلة اليهود مرة والى الأبد. ما من سبيل آخر).عندما يتحدث ا. هـ. كار عن صعوبات خاصة يواجهها المؤرخ الحالي المعاصر (الذي لا يستطيع التجرد من شخصيته لدى محاكمة المتهمين بفظائع العصر، بينما لا يزال مئات آلاف الضحايا يعيشون معنا) أولاً ينطبق ذلك علينا أيضا نحن الذين شاركنا في حرب 1948 من الجانب الإسرائيلي ولعبنا دوراً حاسماً في التسبب بالنكبة الفلسطينية؟ والكلام لـ: داني بيتر عن الخيار والمستقبل ليس لدي شك في أن النضال من اجل اقامة الدولة الفلسطينية على 22% من مساحة "ارض إسرائيل" الانتدابية يشكل من وجهة نظر الفلسطينيين أهون الشرور، ومع ذلك فان هذه التسوية المؤلمة لا تزال بعيدة عن متناول يدهم. نحن <المنتصرون> ونحن ننتصر اليوم تحت غطاء <محاربة الإرهاب>. وتعود القصة القديمة حول الحتمية واللاحتمية في التاريخ وعن الممارسات والأفعال السلبية التي يرتكبها الطرف المحق في صراعه (عمليات التفجير التي ينفذها الانتحار يون الفلسطينيون) لتكرر نفسها وان بمقاييس مختلفة بطبيعة الحال. يمكن للفلسطينيين أيضا وربما هم بالذات، إعادةيملكها).ال الساذج لـ بار اون بصيغة أو ديباجه فلسطينية: (ماهو الخيار المتاح لي ولزملائي في هذا الوقت؟ فهم من يملك الطائرات والدبابات ولسنا نحن من يملكها) . كن هذا سؤال كاذب مخادع. فالخيار حتى في ظل واقع اوسع من الحتمية قائم ومتاح دوماً أمام كل إنسان وكل مجموعة. الشئ المختلف دائماً هو درجة أو حجم ذلك الخيار ودرجة اللاحتمية مقابل الحتمية. يقول كار عن المقاومة: (لا يجوز للمؤرخ التقليل من شأن المقاومة.. فقد كان للذين هزموا أحيانا إسهام مهم في النتيجة النهائية بدرجة لا تقل عن إسهام الذين انتصروا). ومن هذه الزاوية فقد كان لدينا (أي الذين حاربوا عام 1948) خيار مقاومة هدم القرى العربية وتشريد الفلسطينيين بدرجة لا تقل عن الدرجة المتاحة لكل فلسطيني – إذا كان ذلك رأيه حقاً - بالتصدي للانتحاريين ومن يقف وراءهم الكاتب البارز س. يزهار فعل ذلك حقاً في قصصه عن تلك الأيام، في "خربه خزعة " و "أسير".لقد كان الخيار متاحًا لكننا وبسبب جهلنا وعدم وعينا لم نجسد هذا الخيار.
ولكن ما الصلة بين هذه الحقيقة المؤسفة وبين قول بار اون اليوم بأنه (كان سيتصرف على هذا النحو تماما) ؟ المصالحة: فهم الماضي في ضوء الحاضر وفهم الحاضر في ضوء الماضي في ظل الواقع الفلسطيني المريع الذي نشهده، يطالب بني موريس سري نسيبة بأن <<يشتري الشيكل الصهيوني>> لا اقل ولا أكثر بقوله: (لا زال يتعين عليَّ أن أرى زعيمًا فلسطينيًا محبًا للسلام مثلما يبدو سري نسيبة، ينهض ويقول: الصهيونية هي حركة تحرر وطني مشروعة، كحال حركتنا، وان لليهود نفس الحق الذي نملكه في فلسطين). هذا هو بالضبط المعنى الحقيقي لتماثل بيني موريس مع الحتمية الصريحة لـ "باراون" ومع انعدام خياره. وحيث انه لا يوجد أي أمل في أن يسمع من سري نسيبة خطباً صهيونية، فان الحتمية تنتقل في نظره إلى المستقبل: أما بلاد يهودية بأكملها أو عربية بأكملها. وطالما أن حتمية الماضي الجارفة ليست مقبولة لديّ، فمن الجدير بي أن ارفضها بالنسبة للمستقبل. وفي الواقع فان الشعب الفلسطيني يجتاز اليوم مرحلة هامه جدًا من كفاحه للاستقلال الوطني، ضد الاحتلال الإسرائيلي وضد معسكر بوش الذي (يحارب الإرهاب) ويساند هذا الاحتلال. وعليه فان كفاح الفلسطينيين ومن يقف إلى جانبهم هو كفاح من اجل الحياة، صراع من اجل البقاء ومن اجل الأرض التي لا زلوا يعيشون فوقها.. صراع ضد الجوع. وستكون المرحلة التالية مرة أخرى مرحلة في الصراع حول التسويات المؤلمة، حول دولة فلسطينية على مساحة لا تزيد عن 22% من ارض إسرائيل الانتدابية. فهل ستكون هذه، إذا ما حدث ذلك، خاتمة القصة أو نهاية المطاف؟ يقول داني بيتر:لا اعتقد ذلك. فقصة المصالحة الحقيقية ستبدأ فقط عندما تتحقق مقولة كار حول أهمية المقاومة، وفي ظروفنا، في النتيجة النهائية، عندما " ترتقي مساهمة الذين هزموا إلى مستوى مساهمة أولئك الذين انتصروا". وبطبعة الحال فان ما اقصده هو العودة التدريجية لتجسيد فكرة دولة ثنائية القومية الواحدة، والتي تبناها الشيوعيون منذ أواسط الاربعينيات. أن مبدأ التقارب بين الشعبين، كنقيض في الجوهر لتقديس الانفصال، هو الكفيل فقط بتحقيق المصالحة الحقيقية في يوم ما، وهذه المصالحة يمكن لها أن تتحقق فقط إذا رغب الشعبان بذلك وسط خلق أدوات قوامها المساواة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الشعبين. و مثل هذه المصالحة سوف تتحقق في رأي داني بيتر على أرضية رؤية تاريخية أساسية مشتركة، والتي سمعنا عنها أيضا من خلال العديد من المتحدثين العرب، بحيث: نعترف نحن الإسرائيليون بـ "النكبة" الفلسطينية الفظيعة التي لعبنا دورًا كبيرًا للغاية في صنعها، ويعترفون هم، الفلسطينيون، بالكارثة الفظيعة التي أحاقت بالشعب اليهودي، والتي كانت تتويجًا لحملة لا سامية امتدت لأجيال. أن مد جسر كهذا من المستقبل الثنائي القومية باتجاه الشعبين، من شأنه أن يجسد مقولة كار حول دور المؤرخ، والذي يبقى دون تحققه، دورًا عقيمًا لا قيمة له: "العمل من اجل فهم الماضي في ضوء الحاضر وفهم الحاضر في ضوء الماضي". 

هوامش:

* (1)- بيني موريس: مؤرخ إسرائيلي يعمل أستاذا للتاريخ في جامعة "بن غوريون" هاجرت أسرته إلى فلسطين من انجلترا، ولد في كيبوتس "عين هموريش" عام 1948 متزوج وأب لثلاثة أبناء، انخرط في منظمة (هشومير هتسعير) الصهيونية، وبعد إنهاء دراسته الجامعية عمل صحفياً في صحيفة (جير وسالم بوست)، ومن ثم أستاذا لمادة التاريخ في جامعة بن غوريون في النقب قبل سنوات ذاع صيت موريس كيساري راديكالي، خاصة بعد رفضه للخدمة داخل المناطق المحتلة في إطار الخدمة العسكرية الاحتياطية، إلا  أن تحولاً مفاجئاً طرأ على أفكار موريس، وحسب قوله فقد كان يعتبر نفسه دائماً شخصاً صهيونياً، وبان الناس اخطأوا في حينه عندما الصقوا به صفة المناهض للصهيونية، اعتقاداً منهم بان الدراسة التاريخية التي وضعها حول نشأة قضية اللاجئين الفلسطينيين جاءت بهدف هدم المشروع الصهيوني،

*(2)-*(3)- نشرت صحيفة هاآرتس أن حكومة باراك منعت نشر وثائق سرية تتحدث عن حرب عام 1948 بين اليهود والعرب نظرا لما احتوته هذه الوثائق من أرشفة وتأريخ للمذابح التي ارتكبها اليهود ضد الفلسطينيين وقالت الصحيفة : تفخر حكومة باراك بالشجاعة التي أبدتها في المفاوضات مع الفلسطينيين. والتي (قلبت فيها كل حجر) ووافقت على المساس بأكثر النقاط إيلاما، في محاولتها تحقيق اتفاق دائم ينهي النزاع. غير أن الحكومة المنصرفة كانت أقل شجاعة في النظر إلى الداخل، على تاريخ النزاع وخلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. فقبل عدة اشهر، كادت تكشف بروتوكولات ووثائق سرية من العام 1948، المحفوظة في خزينة الدولة وأرشيف الجيش الإسرائيلي، وتعرض التوثيق الرسمي لأعمال الطرد والذبح التي نفذها الجيش الإسرائيلي بحق العرب في حرب 1948 فالوزير يوسي بيلين، رئيس اللجنة الوزارية الخاصة لمنع نشر المواد التوثيقية، كاد يصادق على الكشف - ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، تحت ضغط مسئول خزينة الدولة، البروفيسور افيتار بر يزل، والأجهزة الأمنية التي طالبت باستمرار التعتيم. وقد ادعى معارضي الكشف بأن فتح ملفات الحرب من (شأنها أن تمس بالعلاقات الخارجية للدولة). وشرحوا بأن إسرائيل تخوض مفاوضات مع الفلسطينيين تبحث فيها مسألة اللاجئين، وكل معلومة مرتبطة باللاجئين من شأنها أن تنزع من سياقها وتستغل ضد إسرائيل. وعليه، فقد طالبوا باستمرار منع النشر لخمس سنوات أخرى. فاقتنع بيلين بأن اللحظة غير ملائمة للكشف وقرر الإبقاء على الملفات الحساسة بعيدة عن علم الجمهور لسنة - سنتين أخريين. وكان الطلب بفتح المادة التوثيقية قد تقدم به الباحث البروفيسور بيني موريس . ومعظم الوثائق التي طلبها، مثل محاضر جلسات الحكومة، كان سمح بنشرها من قبل، ولكن مقاطع منها بقيت ممنوعة على النشر. والمعلومات المحظورة تتناول بالأساس أعمال المس بالعرب وبتصريحات رئيس الوزراء الأول، دافيد بن غوريون. ومن بين الوثائق التي طالب موريس بنشرها:

1.

 محضر جلسة الحكومة بتاريخ 16 يونيو 1948، والتي تقرر فيها عمليا عدم السماح للاجئين بالعودة إلى منازلهم. وقد اهتم موريس مثلا بأقوال بن غوريون عن احتلال يافا، والأقوال التي صدرت عن رئيس الوزراء حول الحاجة إلى اقتلاع سكان اللد والرملة، قبل شهر من أن يحتل الجيش الإسرائيلي المدينتين ويطرد سكانهما. 2. تقرير المستشار القانوني الأول للحكومة، يعقوب شمشون شبيرا، عن المذابح التي نفذتها وحدات الجيش الإسرائيلي في شهري أكتوبر ونوفمبر عام 1948.

3. وثائق وحدات الجيش الإسرائيلي والتقارير عن التحقيقات الداخلية عن أعمال الذبح والطرد ولقد سبق أن كشف النقاب ونشرت معظم الإحداث الموصوفة في الوثائق في الأبحاث التاريخية (وفي كتاب موريس أيضا). بيد أن أمين سر الدولة يعارض الكشف عن الوثائق الأصلية، والتي ستعطي شرعية رسمية للمعلومات الحساسة. ويعتقد موريس أن السلطات تخشى إلحاق الضرر بصورة إسرائيل والجيش الإسرائيلي. ولا سيما بالصورة التاريخية لبن غوريون. وقد توجه إلى جمعية حقوق المواطن استعانة بخدماتها، فتوجهت هذه إلى قسم الالتماسات للمحكمة العليا في النيابة العامة للدولة وهكذا بدأ البحث يتطور. قانون التوثيقات والأنظمة المتعلقة به تقرر نشر المعلومات السياسية بعد 30 سنة، والمعلومات الأمنية بعد 40 - 50 سنة. وإذا كان الأمين على أسرار الدولة يرغب في إطالة فترة المنع، فان عليه أن يتوجه إلى اللجنة الوزارية برئاسة وزير العدل. وفي سبتمبر عقد بيلين اللجنة للبحث في الكشف عن المادة للعام 1948. وكان نهجه الأساسي هو انه يتوجب توفر سبب نادر جدا لمنع نشر مادة توثيقية حان موعد الكشف عنها. وقد أنصت إلى موقف أمين السر وقرر عدم قبوله. وقرأ بيلين الملفات القديمة وانفعل. وجد أنها تلقي أضواء ايجابية على بن غوريون ورفاقه في الحكومة الأولى. ففي ذروة المعارك، في دولة وليدة لشعب محاصر اجتاز الكارثة ويخوض حرب وجود، طرح الوزراء أسئلة حادة على اعمال الطرد والذبح، وطالبوا بالعمل لمنعها في المستقبل. واعتقد بيلين أن أعمال المس بالعرب معروفة، ولكن ليس الحساسية التي أبداها مؤسسو الدولة لحقوق الإنسان ولازمة الفلسطينيين. وبرأيه فان من سيقرأ المادة يمكنه أن يفخر بالدولة. أما بريزل وزملاؤه في الأجهزة الأمنية فاعتقدوا غير ذلك. فقد رأوا الضرر القائم في الإدانة الذاتية لإسرائيل، في الوقت الذي لا يملك فيه الطرف الآخر محاضر خاصة به توثق حربهم ضد الوجود السكاني اليهودي والأعمال الفظيعة التي ارتكبوها.

وعليه، فقد رفضوا الموافقة على قرار بيلين وطالبوا ببحث مجدد في اللجنة الوزارية، قبل أن يتوجهوا إلى الحكومة بكامل هيئتها. وحسب أقوال بعض ذوي الصلة، فقد جرى البحث على مستوى مهني، ولم يتدخل فيه أيهود باراك. وفي البحث المتجدد قرر بيلين عدم الدخول في صدام مع الموظفين وعدم فتح القضية أمام البحث العلني في الحكومة، والذي سيضعه قبالة باراك والأجهزة الأمنية. وكانت الحكومة تبذل في حينه جهودا لإنقاذ المفاوضات مع الفلسطينيين وتحقيق اتفاق بعد فشل قمة كامب ديفيد. وكان بيلين يساند رئيس الوزراء مساندة تامة. ففضل الانشغال في إيجاد حل لمشكلة اللاجئين في المفاوضات، على الدخول في جدال حول الماضي. وكحل وسط قرر استمرار منع النشر ولكن لفترة أقصر مما طلب الأمين على أسرار الدولة. في محادثات طابا الأخيرة، روى بيلين لنبيل شعث، الذي كان نظيره في لجنة اللاجئين، عن الموقف الإنساني لحكومة بن غوريون، والذي اكتشفه في المحاضر القديمة. وكرس الرجلان ساعات طويلة للبحث التاريخي حول خلق مشكلة اللاجئين: فهل بدأت بخروج العرب من منازلهم، كما تقول الرواية الفلسطينية، أم من اللحظة التي رفضت فيها قيادتهم قرار التقسيم للأمم المتحدة واختارت الشروع في حرب ضد اليهود، كما تدعي إسرائيل، بل أن بيلين أطلع شعث على منشور (الهاغانا) الذي دعا سكان حيفا العرب إلى عدم مغادرة المدينة. وفي ختام المباحثات أجمل الرجلان صيغة مشتركة وطويلة، يعرض فيها كل طرف روايته. وبيلين على قناعة انه في طابا وجد الحل اللغوي لمسألة المسؤولية التاريخية وحق العودة. ولكن الحكومة التي هو عضو فيها أنهت ولايتها دون أن يتحقق الاتفاق. بل أنها لم تتمكن حتى من نشر التوثيق التاريخي أيضا.

*(4)-ضمن سلسلة محاضرات سيمنار "النكبة والتهجير"، عقد مركز مدى بعد ظهر يوم 22/2/2003 محاضرة للدكتور أيلان بابي من جامعة حيفا عنوانها "قراءة نقدية في الرواية التاريخية الإسرائيلية للنكبة والتهجير". *(5)- الكتاب من إعداد افرايم كارش ومن إصدار الكيبوتس الموحد، الطبعة العبرية الأولى صدرت عام 1999 وقد سبق للكتاب أن نشر باللغة الإنجليزية عام 1997 من إصدار فرانك كاس في بريطانيا والولايات المتحدة تحت نفس العنوان *(5)- البروفيسور افرايم كارش 45 عاما، يقيم حاليا في بريطانيا بعد أن استقر فيها منذ حوالي عشر سنوات عندما تم تعيينه محاضرا وباحثا في جامعة لندن، سبق وان عمل في قسم الدراسات الحربية في كلية كيفنس في نفس الجامعة حيث عمل على تأسيس دائرة متخصصة في دراسات البحر الأبيض المتوسط. وفي المقابل عمل على تحرير مجلة "إسرائيل افيرز".وعمل إبان خدمته العسكرية في قسم الاستخبارات العسكرية. أنهى رسالة الدكتوراه حول موضوع "الحياد والدول الصغيرة" في عام 1984 من جامعة تل أبيب. في النصف الأخير من سنوات الثمانينات عمل في مركز يافه للأبحاث الاستراتيجية وفي معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن. له سبعة كتب من أهمها "السيرة السياسية لصدام حسين"، "حرب الخليج 1990-1991" ، "السياسة السوفيتية تجاه سوريا

منذ 1970. ونشط المؤلف لسنوات عديدة في مواجهة تيار المؤرخين الجدد في إسرائيل، والسبب الرئيسي الذي لا يخفيه لهذا النشاط هو عدم إيمانه بأنهم يشكلون تيارا جديدا في الأكاديمية البحثية، وإنما يتهمهم بأنهم عبارة عن مجموعة لها اهتماماتها الخاصة ومصالحها الذاتية. ويسمي هذه الظاهرة ب "البالون المسمى بالمؤرخين الجدد"